يشهد القطاع المصرفي المصري في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في مجال المنتجات المصرفية الإسلامية، في ظل تزايد إقبال العملاء على أدوات مالية متوافقة مع الشريعة، وتوجه البنوك لتعزيز محافظها عبر طرح خدمات جديدة تنافسية.
ورغم أن الأصول الإسلامية لا تزال تمثل نحو %5.2 فقط من حجم القطاع المصرفي، إلا أن المؤشرات تؤكد أن السوق يسير بخطى متسارعة نحو التوسع، مع دخول البنوك الكبرى على خط المنافسة، وتزايد وعي العملاء.
منتجات متنوعة تغطي كل الاحتياجات
لم يعد الحديث عن الصيرفة الإسلامية مقصورًا على حسابات الادخار أو التمويلات الصغيرة، بل باتت تشمل حزمة واسعة من المنتجات، حيث أن
الحسابات الإسلامية تعتمد على صيغة المضاربة، حيث يشارك العميل البنك في الأرباح المتولدة من توظيف الأموال، بجانب المرابحة وهي تمويل شراء السلع أو الأصول عبر أن يشتريها البنك ثم يبيعها للعميل بهامش ربح متفق عليه.
بجانب الإجارة وهي تمويل يتيح للعميل الانتفاع بأصل معين مقابل أقساط، مع إمكانية التملك في نهاية المدة، لاسيما المشاركة وهي صيغة تمويل مشترك بين البنك والعميل في مشروع معين، يتم تقاسم أرباحه أو خسائره.
البطاقات الإسلامية: بطاقات خصم وائتمان متوافقة مع الضوابط الشرعية، دون فوائد ربوية.
بنوك تطرح منتجات اسلامية في السوق المصري
يتيح بنك مصر يقدم شهادات ادخار إسلامية شهادة “الوفاء” بالمرابحة التي تمنح عائدًا ثابتًا متوافقًا مع الشريعة، إضافة إلى حسابات استثمار إسلامية بعائد متغير.
كما يقدم البنك الأهلي المصري يتيح نوافذ إسلامية في عدد من فروعه، من خلالها يقدم ودائع استثمارية ومنتجات مرابحة لتمويل شراء السيارات أو السلع المعمرة.
يمنح بنك فيصل الإسلامي المصري، الرائد في هذا المجال، يقدم باقة واسعة تشمل الحسابات الجارية الإسلامية، بطاقات الخصم، وتمويلات المشروعات بصيغ المضاربة والمشاركة.
المصرف المتحد عزز نشاطه الإسلامي من خلال منتجات تمويل عقاري إسلامية، بالإضافة إلى برامج لتمويل المشروعات الصغيرة عبر المرابحة.
على مستوى الدولة، أصدرت وزارة المالية صكوكًا سيادية لأول مرة في السوق المصرية عام 2023، بقيمة 1.5 مليار دولار، ما فتح الباب أمام استخدام أدوات إسلامية كبرى لتمويل الموازنة.
بنك البركة مصر من أوائل البنوك الإسلامية في يتيح مجموعة واسعة من المنتجات و الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل« الحسابات الجارية و الادخارية شهادات التوفير و تمويل الشركات و الأفراد ، خدمات التأمين ، الصكوك الإسلامية و الخدمات المصرفية الإلكترونية»
محمد بدرة: السوق قادر على مضاعفة أصوله الإسلامية
قال الدكتور محمد بدرة، الخبير المصرفي، إن الصيرفة الإسلامية في مصر لا تزال في بداياتها مقارنة بالدول الأخرى، لكنها تشهد نموًا ملحوظًا عامًا بعد آخر، موضحًا أن الإقبال الكبير من جانب الأفراد والشركات يعكس ثقة العملاء في هذه المنتجات، وهو ما دفع البنوك التقليدية نفسها إلى الدخول في هذا المجال عبر نوافذ إسلامية.
وأضاف بدرة في تصريحات خاصة لموقع «المحروسة» أن السوق المصري قادر على مضاعفة حجم الأصول الإسلامية خلال فترة قصيرة، إذا ما تم الاستثمار بشكل أكبر في نشر الوعي، وتدريب الكوادر المصرفية، مع تطوير التشريعات المنظمة.
وأشار إلى أن إصدار الصكوك السيادية يعد نقطة تحول مهمة ستفتح شهية البنوك والمستثمرين على أدوات جديدة، بما يدفع نحو مرحلة توسع أكبر.
لماذا يفضل العملاء الصيرفة الإسلامية؟
تتعدد دوافع الإقبال على المنتجات الإسلامية:
1. الاعتبارات الدينية: شريحة كبيرة من العملاء تبحث عن أدوات خالية من الفوائد الربوية.
2. الشفافية: يقوم التمويل الإسلامي على المشاركة والبيع والشراء، بما يجعل العلاقة أكثر وضوحًا.
3. البعد الاجتماعي: المنتجات الإسلامية تعكس فلسفة قائمة على تقاسم المخاطر، وهو ما يخفف الأعباء على العميل مقارنة بالقروض التقليدية.
التحديات التي تواجه البنوك
رغم النمو، إلا أن هناك تحديات بارزة:
ضعف وعي الكثير من العملاء بتفاصيل وآليات الصيرفة الإسلامية.
قلة الكوادر المتخصصة القادرة على ابتكار منتجات جديدة.
الحاجة لتطوير التشريعات المصرفية بما يواكب طبيعة المنتجات الإسلامية.
المنافسة مع المنتجات التقليدية التي غالبًا ما تكون أسرع وأبسط في الإجراءات.
المستقبل.. مرحلة جديدة من التوسع
مع توسع البنوك في تقديم منتجات إسلامية، وإصدار أدوات جديدة مثل الصكوك، يتوقع الخبراء أن تدخل الصيرفة الإسلامية في مصر مرحلة جديدة من النمو. ويؤكد مصرفيون أن الفترة المقبلة ستشهد منافسة متزايدة بين البنوك على اجتذاب العملاء من خلال حلول مبتكرة، بما يجعل هذا القطاع لاعبًا رئيسيًا في المنظومة المصرفية.
مصر مقارنة بالأسواق العالمية
رغم النمو الملحوظ للمنتجات الإسلامية في السوق المصرية، إلا أن حجم الأصول الإسلامية لا يزال محدودًا إذا ما قورن بالأسواق العالمية.
في مصر: حجم العمل المصرفي الإسلامي بمصر ( الأصول) في نهاية يونيه 2025 بلغ حوالي 1.113 تريليون تشكل حوالي 5.2% من حجم السوق المصرفي المصري بزيادة قدرها 375 مليار جنيه وبنسبة نمو قدرها 51% عن يونيه 2024.
في السعودية: تمثل الصيرفة الإسلامية أكثر من 70% من إجمالي القطاع المصرفي، بحجم أصول يتجاوز 800 مليار دولار، ما يجعلها من أكبر أسواق التمويل الإسلامي عالميًا.
في ماليزيا: تعتبر نموذجًا عالميًا في تطوير الصيرفة الإسلامية، إذ تمثل الأصول الإسلامية حوالي 40% من إجمالي القطاع المصرفي، بقيمة تقارب 250 مليار دولار.
وتؤكد التقارير الصادرة أن هذه الأرقام تعكس أن مصر ما زالت في بداية الطريق، لكنها تملك مقومات قوية للانطلاق، خاصة مع حجم السوق المحلي الكبير، والدعم الحكومي لإدخال أدوات إسلامية جديدة مثل الصكوك السيادية.