في ظل سعي الدولة لتعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية، أعلن الدكتور أحمد كجوك وزير المالية عن إطلاق حساب خاص لتمويل دراسات ومستشاري الطرح لمشروعات الشراكة مع القطاع الخاص برأسمال يبلغ 10 ملايين يورو، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، المبادرة التي وُصفت بأنها الأولى من نوعها، فتحت الباب أمام تساؤلات مهمة.. كيف تسهم في جذب الاستثمارات؟ وهل تنجح في تقليص البيروقراطية التي طالما كانت عائقًا أمام المستثمرين؟
جذب الاستثمارات.. رسالة ثقة للمستثمرين
وفي سياق متصل يرى خبراء الاقتصاد أن إنشاء هذا الحساب يمثل خطوة جادة في بناء إطار مؤسسي يضمن تمويل إعداد المشروعات دون تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية.
وأضافوا في تصريحات خاصة لموقع «المحروسة» أن المستثمر الفائز بالمشروع يسدد لاحقًا تكاليف الدراسات والاستشاريين، مما يضمن استدامة مالية تعزز ثقة مجتمع الأعمال.
ومن جانب آخر قال مسئول بوزارة المالية إن الهدف هو إرسال رسالة واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب بأن الحكومة جادة في دعم القطاع الخاص، الذي استحوذ بالفعل على 65% من الاستثمارات خلال العام الماضي.
وأكد أن تخصيص جزء من هذا الحساب لتمويل المشروعات الخضراء يعكس رؤية مستقبلية تتماشى مع التوجهات العالمية في الاقتصاد الأخضر، ما قد يفتح الباب أمام مصر لجذب تمويلات دولية أكبر ودخول أسواق جديدة.
مبادرة تحمل رسائل طمأنة للمستثمرين
وفي سياق متصل قال الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي إن إطلاق حساب لتمويل دراسات ومستشاري الطرح لمشروعات الشراكة مع القطاع الخاص يعد خطوة بالغة الأهمية في تعزيز الثقة بين الدولة والمستثمرين، موضحًا أن توفير تمويل مستقل لإعداد المشروعات يزيل واحدة من أكبر العقبات التي كانت تواجه المستثمر، وهي غياب الدراسات الفنية الدقيقة في الوقت المناسب.
وأضاف غراب أن اختصار فترة التعاقد مع الاستشاريين من 15 شهرًا إلى 8 أسابيع فقط سيُحدث نقلة نوعية في سرعة التنفيذ، بما يعني ضخ استثمارات حقيقية في وقت أقصر، وهو ما يترجم سريعًا إلى فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي.
وأشار إلى أن ربط الحساب بآلية استرداد التكاليف من المستثمر الفائز يضمن استدامة مالية وشفافية، ويؤكد جدية الدولة في عدم تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية، معتبرًا أن ذلك يعزز تنافسية مصر أمام دول المنطقة في جذب الاستثمارات.
«المحروسة» ترصد الفائدة المباشرة من المبادرة
رصد موقع المحروسة أن حساب تمويل دراسات ومستشاري الطرح سيحقق عدة فوائد مباشرة للاقتصاد المصري، أبرزها تسريع وتيرة الاستثمار عبر توفير دراسات فنية دقيقة للمشروعات، وهو ما يقلل من المخاطر التي قد تواجه المستثمرين ويعزز من فرص نجاح الطروحات والتي جاءت كالتالي:
تقليص البيروقراطية.. من 15 شهرًا إلى 8 أسابيع فقط
أحد أبرز التحولات التي يحملها هذا الحساب هو اختصار مدة التعاقد مع الاستشاريين من نحو 15 شهرًا إلى 8 أسابيع فقط.
هذا التطور يعني – وفقًا للخبراء – أن الدولة باتت قادرة على طرح أكثر من 10 مشروعات في وقت واحد، بدلًا من تأجيلها لسنوات طويلة.
المجالات المستهدفة تشمل الموانئ الجافة، محطات المياه والصرف الصحي، معالجة الحمأة، محطات المحولات وشبكات الكهرباء، والتعليم الفني.
دور القطاع الخاص.. من الشريك إلى المحرك
إطلاق الحساب يعكس رؤية الدولة في جعل القطاع الخاص ليس مجرد شريك، بل محركًا رئيسيًا للتنمية. فقد نجحت وزارة المالية بالفعل في إقرار وتنفيذ 30 مشروعًا بنظام المشاركة مع القطاع الخاص خلال العام المالي الماضي بتكلفة استثمارية بلغت 41 مليار جنيه.
ويقول محللون إن هذا التحول يؤكد أن القطاع الخاص المحلي والأجنبي أصبح أكثر استعدادًا للمنافسة، وهو ما يعزز فرص خلق وظائف وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
البعد الأخضر.. مشروعات مستدامة للمستقبل
ميزة أخرى للحساب الجديد تكمن في إمكانية توجيهه لتمويل المشروعات الخضراء بنظام الشراكة.
هذا التوجه يتماشى مع خطط الدولة نحو الاقتصاد الأخضر، وتقليل الانبعاثات، ودعم المشروعات المستدامة في قطاعات الطاقة والمياه.
وتؤكد مصادر في وزارة المالية أن ذلك سيفتح المجال أمام جذب استثمارات من مؤسسات التمويل الدولية التي تضع البيئة شرطًا رئيسيًا لدعم المشروعات.
التجربة المصرية.. مقارنة دولية
يرى خبراء أن مصر بهذه الخطوة تحاكي تجارب ناجحة في عدة دول مثل تركيا والهند والمغرب، التي اعتمدت على الشراكة مع القطاع الخاص لتمويل مشروعات البنية التحتية الكبرى.
إلا أن مصر أضافت ميزة مختلفة، وهي تمويل دراسات الطرح من حساب مستقل، بما يقلل من المخاطر على الموازنة العامة ويزيد من سرعة التنفيذ.