ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والسيد لي تشيانج، رئيس مجلس الدولة الصيني، اليوم جلسة مباحثات موسعة بمقر مجلس الوزراء في العاصمة الإدارية الجديدة، تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي وعدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين.
شارك في المباحثات من الجانب المصري الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والسيد أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والسيد حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والسفير أحمد شاهين، مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية.
ومن الجانب الصيني، حضر كل من السيد لان فوهان، وزير المالية، والسيد وانج ونتاو، وزير التجارة، والسيد ما تشاوشيوي، نائب وزير الخارجية، والسيد لياو لي تشانج، سفير الصين بالقاهرة، وعدد من المسؤولين الصينيين رفيعي المستوى.
وفي مستهل المباحثات، رحب الدكتور مصطفى مدبولي برئيس مجلس الدولة الصيني والوفد المرافق له، مؤكدًا أن الزيارة تمثل محطة تاريخية في مسار العلاقات الثنائية. وأشار إلى عمق الروابط التاريخية التي تجمع القاهرة وبكين، والتي تجسدت في العلاقات القوية بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الصيني شي جين بينج، إلى جانب اللقاءات المنتظمة بين كبار المسؤولين من البلدين.
وأشاد رئيس الوزراء باللقاء الذي جمع الرئيس السيسي برئيس مجلس الدولة الصيني في وقت سابق اليوم، والذي أكد خلاله الرئيس السيسي موقف مصر الثابت بدعم مبدأ “الصين الواحدة”.
ونوّه مدبولي بالدور الحيوي الذي تلعبه الصين في دعم جهود التنمية في مصر، عبر مشاركة شركاتها في مشروعات استراتيجية مثل حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية، وأبراج العلمين الجديدة، والقطار الكهربائي الخفيف، وتطوير المنطقة الصناعية الصينية “تيدا” بمنطقة قناة السويس، مشيراً إلى أن “تيدا” تُعد نموذجًا ناجحًا للتعاون الاستثماري الثنائي.
وأكد رئيس الوزراء تطلع مصر لتعميق التعاون مع الصين في مجالات توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، لا سيما في قطاعات الطاقة الشمسية، وصناعة السيارات الكهربائية، وتحلية مياه البحر. كما أشار إلى التوجيه الرئاسي بالتزام الحكومة بشراء حصة من إنتاج الشركات العاملة في تصنيع السيارات الكهربائية محليًا.
كما دعا مدبولي الشركات الصينية العاملة في مجال المركبات الكهربائية إلى الاستثمار في مصر والاستفادة من الحوافز المقررة، وكذلك من عضوية مصر في عدد من اتفاقيات التجارة الحرة مع الأسواق الإقليمية والدولية.
وأعرب رئيس الوزراء عن اهتمام مصر بمعالجة العجز في الميزان التجاري مع الصين من خلال توسيع نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الصينية، نظرًا لما تتمتع به من جودة عالية وقدرتها على المنافسة عالميًا، مشيرًا إلى أهمية نقل بعض خطوط الإنتاج الصينية إلى مصر لتصنيع المنتج النهائي محليًا.
كما جدّد رئيس الوزراء حرص الحكومة على استكمال تنفيذ مشروعات التعاون المشترك، خاصة المرحلتين الثالثة والرابعة من القطار الكهربائي الخفيف، ومشروع حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية، الذي باتت مقاره الحكومية قيد التشغيل.
وأعرب مدبولي عن شكره لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن برنامج مبادلة الديون لتنفيذ مشروعات تنموية، مؤكدًا أن مصر هي أول دولة توقع هذا النوع من الاتفاق مع الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي، ما يعكس رغبة بكين في استخدام أدوات تمويل مبتكرة لتعزيز علاقاتها التنموية مع مصر.
وأشار إلى أن مصر كانت أول دولة إفريقية تصدر سندات “الباندا” المقومة باليوان، بقيمة 500 مليون دولار، لتمويل مشروعات تنموية وخضراء ضمن آليات التمويل المستدام.
وفي سياق الشأن الإقليمي، أثنى رئيس الوزراء على دعم الصين للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، مؤكدًا على استمرار التنسيق بين البلدين ضمن منتدى التعاون الصيني الأفريقي، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ مخرجات قمة “فوكاك” الأخيرة، التي تضمنت الشراكات العشر التي أطلقها الرئيس شي جين بينج.
وأوضح أن مصر قدّمت قائمة مشروعات ذات أولوية للاستفادة من حزم التمويل التي خصصت لها بقيمة 51 مليار دولار.
من جانبه، أعرب رئيس مجلس الدولة الصيني، السيد لي تشيانج، عن سعادته بزيارة مصر، والتي تمثل أول محطة إفريقية له منذ توليه منصبه، ما يعكس الأهمية التي توليها بكين لعلاقتها مع القاهرة. وأشاد بحضارة مصر العريقة ونهضتها الحديثة، مؤكدًا أنها دولة محورية ومؤثرة في محيطها العربي والأفريقي.
ولفت إلى أن عام 2024 شهد الاحتفال بمرور عشر سنوات على رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، بينما سيشهد عام 2026 الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وبكين.
وأكد “تشيانج” حرص الصين على تعزيز التعاون الاستثماري مع مصر في مجالات الطاقة المتجددة والصناعة والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، إلى جانب توسيع التعاون المالي، وزيادة نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الصينية.
كما عبّر عن رغبة بلاده في تعميق التعاون الثقافي والإنساني والإعلامي، واستعداد بكين لتقديم الدعم لمصر في جهودها التنموية.
وتطرقت المباحثات إلى التحديات الجيوسياسية الدولية الراهنة، حيث تم التأكيد على أهمية الحوار والوسائل الدبلوماسية في تسوية النزاعات، ودور المجتمع الدولي في دفع الأطراف المتنازعة للتحلي بالمسؤولية السياسية.
واختتمت الجلسة بالتأكيد على ضرورة استمرار حشد الدعم الدولي لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة، التي أقرّتها القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المنعقدة في مارس الماضي بالقاهرة، مع تجديد التزام البلدين بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.