قال أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن انخفاض الأسعار العالمية وغياب سعر الضمان أدى لتراجع زراعة القطن، رغم جهود الحكومة، مضيفا أن تأخر صرف المستحقات وعدم وضوح السياسات الزراعية زاد من تردد الفلاحين.
وأشار «أبو صدام»، فى حوار لـ«المحروسة»، إلى أن تشغيل مصانع الغزل بالقطن المصري وتوفير مستلزمات مدعمة قد يعيد الثقة للفلاحين، موضحا أن أسعار المحاصيل متقلبة، والقمح يظل المحصول الشتوي الأهم بفضل سعر الضمان الحكومي.
وأكد أن النقل وغياب التسويق الموحد يسبب خسائر للفلاحين، رغم الدعم الحكومي للأسمدة والتقاوي، منوها بأن النقابة تتابع مشاكل الفلاحين وتسعى لتحقيق استقرار القطاع الزراعي.
وإلى نص الحوار:
ما تقييمكم للوضع الحالي لمساحات زراعة القطن في مصر؟
الوضع الحالي للقطن لا يشجع على التوسع، فالأسعار العالمية منخفضة جدًا، مما يجعل أي استثمار جديد في القطن محفوفًا بالمخاطر. عدم وجود سعر ضمان قبل الزراعة يضع المزارع في حالة من التردد والقلق.
إضافة إلى ذلك، تلقي الأحداث الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بظلالها على الأسواق العالمية، مما يزيد من صعوبة توقع أسعار القطن في المستقبل القريب. لذا، من المتوقع أن تنخفض المساحات المزروعة مقارنة بالسنوات الماضية، رغم الجهود الحكومية لتشجيع الفلاحين على العودة لزراعته.
وما السبب الرئيسي لتراجع الفلاحين عن زيادة المساحات؟
السبب الرئيسي هو انخفاض الأسعار العالمية، وعدم التزام الحكومة بتطبيق سعر الضمان في الوقت المناسب.
هذا التأخير في صرف مستحقات الفلاحين أثر بشكل مباشر على قراراتهم الزراعية، إلى جانب حاجة الفلاح لضمانات قبل الزراعة، وفي غياب هذه الضمانات، لا يوجد حافز للاستثمار في زراعة القطن.
كيف ترون دور الحكومة في دعم صناعة القطن؟
تلعب الحكومة دورًا مهمًا لكنه محدود، حيث تركز على فتح أسواق خارجية لتنشيط مصانع الغزل والنسيج وتشغيلها بالقطن المصري. هذه الخطوة مهمة لأنها توفر منفذًا للصناعة المحلية وتضمن تسويق القطن، لكنها لا تكفي وحدها لتحفيز الفلاح على زيادة المساحات.
أما الدعم المالي المباشر للفلاح قبل الزراعة، من خلال سعر ضمان ثابت، فلم يتم الالتزام به في التوقيت المطلوب، مما أثر على القرارات الزراعية.
وترى الحكومة أن صناعة القطن مفيدة لصناعات الأعلاف والزيوت والأنسجة، لكن الظروف الحالية لا تسمح بزيادة المساحات بشكل كبير، لذا نعتبر التراجع الحالي طبيعيًا قبل أي تحسن مستقبلي.
وهل هناك توقعات بتحسن صناعة القطن محليًا؟
نعم، إذا بدأت مصانع الغزل والنسيج تشغيل خطوط الإنتاج بالقطن المصري، فسيحفز ذلك الفلاحين على العودة لزراعة القطن.
كما ستوفر الحكومة تقاوي وأسمدة مدعمة بشكل إرشادي، لكن الفلاح حاليًا متردد بسبب المخاطر الاقتصادية وغياب الاستقرار في الأسعار العالمية.
كيف تقيمون أسعار المحاصيل الأخرى؟
أسعار المحاصيل متباينة؛ فبعضها يشهد استقرارًا نتيجة المبادرات الحكومية لخفض الأسعار في الأسواق، خاصة المنتجات الغذائية.
محاصيل مثل الذرة تحقق هامش ربح جيد للفلاح، بينما محاصيل مثل الطماطم شهدت خسائر في الفترة الماضية بسبب تقلب الأسعار.
أما الخيار، فقد بدأ مؤخرًا يحقق أرباحًا بعد أن كان غير مربح. هذا التباين يجعل الفلاح مضطرًا لحساب المخاطر جيدًا قبل اختيار المحاصيل المزروعة.
وماذا عن الموسم الشتوي وأهم المحاصيل؟
القمح من أهم المحاصيل الشتوية، وقد حددت الحكومة سعر ضمان ممتاز بقيمة 2350 جنيهًا.
من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة المساحات المزروعة، وهي خطوة مهمة تمنح الفلاح استقرارًا ماليًا ومردودًا جيدًا مقارنة بمحاصيل أخرى، وتشجع على تحسين الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي المحلي.
ما أبرز التحديات التي يواجهها الفلاح في نقل المنتجات للأسواق؟
ارتفاع أسعار النقل من أكبر التحديات، إضافة إلى حاجة الأسواق العمومية لتوحيد الأسعار في جميع المحافظات.
معظم المحاصيل سريعة التلف، وعند نقلها لمسافات طويلة دون نظام تسويقي مناسب، يستغل التجار هذا الأمر ويخفضون الأسعار بشكل كبير، مما يؤثر على أرباح الفلاحين.
الفلاح من المنيا، على سبيل المثال، إذا نقل محصوله للقاهرة بسعر منخفض، لا يمكنه العودة مرة أخرى لتحقيق ربح عادل، وهذا يثقل كاهله ماليًا.
ماذا عن تأثير أسعار الأسمدة على الإنتاج الزراعي؟
تأثير ارتفاع أسعار الأسمدة محدود نسبيًا، لأن الدولة تدعم الجزء الأكبر منها.
الفلاح الذي يشتري الأسمدة من السوق الخاص قد يتأثر، لكن الدعم الحكومي يخفف العبء عن معظم المزارعين.
لذلك، من المهم أن تستمر الحكومة في مراقبة الأسعار لضمان عدم تأثيرها سلبيًا على الإنتاج الزراعي مستقبلًا.
ما هي أشكال الدعم المباشر وغير المباشر التي توفرها الحكومة للفلاحين؟
الدعم المباشر يشمل الأسمدة المدعمة، التقاوي، والإرشاد الزراعي.
أما الدعم غير المباشر، فيشمل القروض الميسرة لتحويل الري من الغمر إلى التنقيط، قروض البتلو من البنك الزراعي، دعم الجرارات الكهربائية بأسعار مخفضة، وتجهيز الأرض للزراعة.
كما يشمل الدعم المباشر أيضًا تبطين الترع لتحسين البنية التحتية للزراعة، وهو عنصر مهم للحفاظ على الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل.
ما هي الاستراتيجية التي تتبعها النقابة لدعم الفلاح؟
نتبع استراتيجية الدولة منذ عام 2023 لدعم الفلاحين وتوعيتهم، ونقف بجانب المتعثرين والغارمين والمستثمرين الصغار.
كما نطلق مؤتمرات مستمرة للتوعية، ونحرص على نقل مشاكل الفلاحين إلى المسؤولين بشكل سريع لضمان حلها بشكل عاجل.
هدفنا هو تحقيق استقرار القطاع الزراعي واستمرار الفلاح في الإنتاج، مع الحفاظ على أرباح معقولة لجميع المزارعين.
بالرغم من التحديات العالمية والمحلية، يظل الفلاح المصري متمسكًا بأرضه وعمله، معتمدًا على الدعم الحكومي ومتفائلًا بمستقبل صناعة القطن والمحاصيل الاستراتيجية الأخرى. التوازن بين الأسعار العالمية والسياسات المحلية والدعم الفعال للفلاحين يبقى العامل الأهم لاستقرار الزراعة المصرية واستدامتها، وتحقيق الأمن الغذائي الوطني..