في السنوات الأخيرة، تحولت مصر من مجرد سوق محلي ناشئ إلى وجهة إقليمية ودولية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع تزايد اهتمام المستثمرين من الخليج والهند وأوروبا بالوجود في السوق المصريةـ هذا التوجه يعكس ليس فقط ما تمتلكه مصر من موقع استراتيجي يربط بين ثلاث قارات، ولكن أيضًا الإصلاحات الاقتصادية الضخمة التي تبنتها الدولة، والتي أعادت رسم خريطة الاستثمار وجعلت البلاد “فاتحة شهية” لكل من يبحث عن فرص واعدة في بيئة استثمارية متنوعة.
وفي سياق متصل قال ماجد فهمي الخبير المصرفي إن الاستثمارات الخليجية في مصر لا تُعتبر قصيرة المدى، بل هي استثمارات استراتيجية ترتبط بالعلاقات السياسية والاقتصادية الوطيدة، وبالرهان على السوق المصرية كسوق استهلاكية ضخمة قوامها أكثر من 105 ملايين نسمة.
وأوضح الخبير المصرفي في تصريحات صحفية أن السوق المصري أحد الأسواق الواعدة لجذب الأستثمارات المباشرة، مضيفًا أنه الحكومة المصرية نجحت في جذب المزيد من حجم الاسثمارات خلال الآونة الأخيرة في العديد من القطاعات المختلفة.
وعلى مستوى الاسثمارات المصرية الهندية أضاف الخبير المصرفي، أن مصر تمثل ممرًا استراتيجيًا يسمح للشركات الهندية بالوصول إلى أسواق أوروبا وأفريقيا، نظرًا لموقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية المتنوعة.
وأشار إلى أن الاستثمارات الأوروبية تعكس ثقة في الاقتصاد المصري رغم التحديات العالمية، إذ تنظر الشركات الأوروبية إلى مصر كمركز إنتاج منخفض التكلفة وقريب من أسواقها الرئيسية.
وأكد أن الهند ترى أن مصر يمكن أن تكون مركزًا للتصنيع والتصدير، خاصة مع التسهيلات الحكومية في المناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
الاستثمارات الخليجية.. الثقل الأكبر
تشكل الاستثمارات الخليجية العمود الفقري لحجم التدفقات الأجنبية المباشرة إلى مصر. وتشير بيانات وزارة الاستثمار إلى أن السعودية والإمارات والكويت وقطر تحتل صدارة قائمة الدول المستثمرة.
السعودية تتصدر باستثمارات تتجاوز 6 مليارات دولار، موزعة بين قطاعات البتروكيماويات، العقارات، والقطاع المالي.
الإمارات تستثمر في مصر بأكثر من 5 مليارات دولار، مع تركيز ملحوظ على قطاع الطاقة المتجددة والعقارات.
الكويت وقطر لهما وجود قوي في قطاعي البنوك والخدمات، بالإضافة إلى مشروعات سياحية وصناعية.
الهند.. شريك صاعد يراهن على مصر كبوابة لأفريقيا وأوروبا
من الجانب الآسيوي، تبرز الهند بقوة في المشهد الاستثماري المصري. ووفقًا لسوريش كي ريدي، سفير الهند بالقاهرة، فإن الشركات الهندية العاملة في مصر ضخت استثمارات تصل إلى 3.5 مليار دولار، مع خطط للتوسع في قطاعات جديدة مثل الأدوية، تكنولوجيا المعلومات، والصناعات الغذائية.
الأوروبيون.. استثمارات متنوعة وثقة متزايدة
أما من القارة الأوروبية، فتواصل دول مثل ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا تعزيز حضورها الاستثماري في مصر.
ألمانيا تركز استثماراتها على قطاع الطاقة، خصوصًا بعد الشراكات الضخمة مع شركة “سيمنس” في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة.
فرنسا تستثمر بقوة في قطاعات النقل، الاتصالات، والبنية التحتية.
إيطاليا تتميز باستثمارات في الصناعات الغذائية والنسيجية والغاز الطبيعي.
لماذا مصر؟.. عوامل الجذب
السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يجعل مصر فاتحة شهية للاستثمار الأجنبي؟
1. الموقع الجغرافي: مصر تقع في قلب العالم، وتربط بين أسواق أفريقيا وآسيا وأوروبا.
2. اتفاقيات التجارة: تمتلك مصر أكثر من 50 اتفاقية تجارية تتيح الوصول إلى أسواق تضم أكثر من 1.5 مليار مستهلك.
3. المشروعات القومية: من أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، شبكة الطرق العملاقة، وتوسيع الموانئ، ما يعزز البنية التحتية للاستثمار.
4. الإصلاحات الاقتصادية: تحرير سعر الصرف، تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط إجراءات التراخيص.
5. القوى العاملة: سوق عمل شاب وبتكلفة تنافسية مقارنة بالأسواق الأخرى.
التحديات التي تواجه المستثمرين
ورغم الصورة الإيجابية، لا يخلو المشهد من تحديات. أبرزها:
البيروقراطية: على الرغم من التحسينات، إلا أن بعض المستثمرين يرون أن الإجراءات لا تزال تحتاج إلى المزيد من المرونة.
تقلبات العملة: والتي قد تؤثر على تكاليف التشغيل.
الوضع الاقتصادي العالمي: خاصة بعد الأزمات المتعاقبة مثل كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.