في ساعة مبكرة من يوم الاثنين الماضي، ارتفعت مستويات الإنذار في العديد من المراكز بمحافظتي المنوفية والبحيرة، بعد أن أكدت أجهزة الدولة أن ارتفاع منسوب مياه نهر النيل قد يؤدي إلى غرق مساحات واسعة من أراضي طرح النهر، موطن آلاف المزارعين والأسر المصرية.
ما بدا في البداية مجرد تحذير موسمي، تحوّل إلى سيناريو مرعب يضع الأمن المائي والغذائي للبلاد على المحك، ويثير مخاوف من فقدان محاصيل أساسية وإضرار بالبنية التحتية للمناطق القريبة من مجرى النيل.
في قلب الأزمة، يبرز سد النهضة الإثيوبي كعامل حاسم، ليس فقط في إدارة تدفق المياه، بل أيضًا كأداة ضغط سياسية واقتصادية تمس حياة ملايين المصريين. التحذيرات الرسمية، الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، يكشف أن ما يُخشى الآن ليس مجرد فيضانات موسمية، بل تهديد شامل للأمن القومي والزراعي والاجتماعي، يفرض على الدولة والحكومة اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لحماية المواطنين والحفاظ على استقرار البلاد.
وفقًا لتقارير وزارة الزراعة، تعرضت أراضي طرح النهر في محافظة المنوفية لارتفاع ملحوظ في منسوب المياه، مما أدى إلى غرق نحو 648 فدانًا. توزعت الخسائر كالتالي،مركز أشمون 603 أفدنة، مركز السادات 70 فدانًا،
مركز منوف 62 فدانًا، مركز الشهداء 35 فدانًا
وتشمل المحاصيل المتضررة القمح، الفاصوليا، البرسيم، والذرة الشامية، ما ينذر بخسائر اقتصادية مباشرة للفلاحين ويؤثر على الإنتاج المحلي.
تأثيرات محتملة في البحيرة:
على الرغم من عدم توفر بيانات دقيقة حول حجم الغرق في محافظة البحيرة، إلا أن القرب الجغرافي من مجرى النيل يجعلها عرضة لتأثيرات مشابهة لتلك التي شهدتها المنوفية، ويُتوقع أن تتأثر مساحات إضافية من الأراضي الزراعية إذا استمر ارتفاع منسوب المياه.
البُعد السياسي للأزمة:
تأتي هذه التحذيرات في وقت حساس، حيث تكثف مصر جهودها الدبلوماسية للضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة.
تصريحات رئيس الوزراء تكشف أن الأزمة تتجاوز الجانب الفني لتصل إلى تهديد مباشر للأمن المائي والاجتماعي والاقتصادي للمواطنين في مناطق واسعة من مصر.
كما وضعت الحكومة خطة طوارئ شاملة تشمل، رفع كفاءة جسور النيل وتأمينها ضد الفيضاناإخطار المحافظين لتبليغ المواطنين بالمناطق المعرضة والغمر المحتمل، توفير بدائل آمنة للإخلاء وحماية السكان من مخاطر الغرق
كما شددت الحكومة على أن أي تواجد سكني أو زراعي في مناطق طرح النهر يُعد تعديًا غير قانوني، ما يزيد من أهمية التزام المواطنين بخطط الإخلاء والتعليمات الرسمية.
تُظهر هذه التطورات أن أزمة سد النهضة لا تتعلق فقط بإدارة المياه، بل تمس الأمن المائي والزراعي والاجتماعي لمصر.
تستدعي هذه الأزمة استجابة شاملة من الحكومة، تشمل الجوانب الدبلوماسية والبيئية والاجتماعية، لضمان حماية حقوق المواطنين والحفاظ على استقرار البلاد.