شهد مجلس النواب، اليوم، جلسة استثنائية وُصفت بالتاريخية، أُسدِل فيها الستار على واحدة من أطول القضايا المجتمعية عمرًا، بإقرار مشروع قانون الإيجار القديم، والذي يُعيد تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، بعد عقود من الجدل والتأجيل.
ممارسة ديمقراطية وتوافق على المصلحة العامة
الجلسة اتسمت بمستوى عالٍ من الحوار الديمقراطي، حيث تنوعت الرؤى وتباينت المداخلات، لكن اتفق الجميع – حكومة ونوابًا – على أن الهدف المشترك هو تحقيق المصلحة العامة. وانتهت النقاشات إلى التصويت بالموافقة النهائية على مشروع القانون، بعد حصول الحكومة على توافق واسع، إثر تقديمها ضمانات واضحة بعدم الإضرار بأي طرف، أبرزها ضمان استمرار إقامة المستأجر الأصلي وزوجه لمدة عام بعد انتهاء المهلة الانتقالية، مع توفير وحدة بديلة قبل الإخلاء.
قضية مجتمعية وجدت الدولة نفسها أمام ضرورة حسمها
جاء إقرار القانون استجابة لواجب الدولة في معالجة أزمة طال أمدها، وأصبحت غير قابلة للتجاهل، خاصة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بضرورة إنهاء الوضع القائم، وإعادة التوازن في العلاقة الإيجارية.
حضور حكومي رفيع يؤكد أهمية الملف
ناقش المجلس مشروع القانون بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين، من بينهم المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، والمهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق، واللواء خيرت بركات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ما يعكس أهمية القضية وحرص الحكومة على متابعتها بشكل مباشر.
المستشار فوزي: الحكومة لن تسمح بترك أي مواطن بلا مأوى
أكد المستشار محمود فوزي أن الحكومة كانت واضحة منذ البداية في سعيها لتحقيق التوازن بين حقوق المالك واحتياجات المستأجر، مشددًا على أن “الدولة التي نجحت في القضاء على العشوائيات، لن تسمح بأن يُترك أي مواطن دون مأوى”. وأضاف أن الحكومة لن تكتفي بتطبيق القانون، بل ستعمل على توفير وحدات بديلة للمستحقين، منعًا لأي آثار سلبية.
فترة انتقالية ممتدة وتعديل جوهري بالمادة الثامنة
استجابت الحكومة لملاحظات النواب خلال جلسات الاستماع، حيث تم تعديل مدة الانتقال من خمس إلى سبع سنوات قبل تحرير العلاقة الإيجارية للوحدات السكنية. كما تقدمت الحكومة بتعديل مهم على المادة الثامنة من مشروع القانون، يضمن توفير وحدة بديلة للمستأجر الأصلي أو زوجه، قبل عام على الأقل من انتهاء مدة الانتقال.
ونص التعديل على أن يصدر مجلس الوزراء، خلال شهر من تطبيق القانون، قرارًا يتضمن القواعد المنظمة لتلقي الطلبات، وترتيب أولويات تخصيص الوحدات السكنية، على أن تلتزم الجهات المعنية بعرض نتائج التخصيص لاعتمادها من مجلس الوزراء، لضمان التنفيذ العادل والفعال.
إغلاق صفحة تاريخية بمنظور وطني شامل
بهذا الإقرار، تُطوى صفحة شائكة في العلاقة بين المالك والمستأجر، في خطوة طال انتظارها، وضعتها الحكومة ومجلس النواب ضمن أولوياتهما، مراعاةً للعدالة الاجتماعية، وحرصًا على عدم الإضرار بأي طرف. وبين اختلاف وجهات النظر، بقيت النية الصافية نحو الصالح العام هي القاسم المشترك في جلسة وُصفت بأنها درس في الممارسة البرلمانية المسؤولة.