في ليلة بدت عادية على منصات التواصل الاجتماعي، تحولت صفحات الترند إلى ساحات من الجدل، بعد الإعلان عن القبض على عدد من مشاهير السوشيال ميديا، بتهم متعددة تتعلق بالتربح غير المشروع، وبث محتوى مخالف لقيم المجتمع، وبعضها طالته شبهات أخطر.
من فيديوهات الضحك إلى محاضر النيابة:
هؤلاء الذين اعتاد الجمهور متابعتهم عبر لايفات وريلز
ساخرة أو مثيرة للجدل، تحولوا فجأة إلى عناوين أخبار رسمية، تتحدث عن ضبطهم في كافيهات أو منازل، ومصادرة هواتفهم المحمولة، وتحويلهم للتحقيق بتهم تتراوح بين خدش الحياء العام، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، وغسل الأموال.
بلاغات وتحقيقات.. البداية من فين؟
مصادر أمنية كشفت أن التحرك لم يكن وليد اللحظة، بل سبقته تحقيقات موسعة استغرقت أسابيع، بعد تلقي الجهات المختصة عشرات البلاغات من مواطنين وخبراء قانون، رصدوا محتويات وصفوها بـالمسيئة والخطيرة على الذوق العام، خاصة مع تصاعد تأثير بعض البلوجرز على الأطفال والمراهقين.
وفي تصريح خاص، أكد مصدر قانوني أن بعض القضايا لا تتوقف عند حدود المحتوى، بل تشمل شبهات مالية تتعلق بتضخم غير مبرر في أرصدة بعضهم بالبنوك، ما دفع جهات التحقيق إلى فتح ملفات متعلقة بمصادر الدخل، والإعلانات الممولة، ومدى شرعيتها.
الترند مش براءة:
أنا بصور في بيتي، أذيت مين؟، كان هذا دفاع أحد البلوجرز المقبوض عليهم، لكن جهات التحقيق رأت غير ذلك، واعتبرت أن ما يُنشر على الإنترنت له تبعات عامة، خصوصًا حين يصل التأثير لآلاف أو ملايين المتابعين.
وأكدت أن الشهرة لا تمنح حصانة، وأن الوصول إلى الجمهور لا يعني الإفلات من القانون.
محتوى بـالفلوس.. بس على حساب مين؟
الأزمة لا تتعلق بحرية التعبير، بل بتخطي الخطوط الحمراء لأجل جذب مشاهدات، وهو ما اعتبره البعض تربحًا من الانحراف ، خاصة حين يستغل الأطفال، أو يتم التلاعب بقصص إنسانية أو عائلية لإثارة الجدل، وجذب الإعلانات، دون مراعاة للأخلاقيات أو القانون.
أصوات من الشارع.. كفاية إسفاف
جولة ميدانية في عدد من المناطق كشفت عن غضب واضح لدى قطاعات واسعة من المواطنين، يقول محمد فتحي، موظف وأب لطفلين:
“ابني بيقولي عاوز أبقى زي البلوجر ده مش بيفهم إن اللي بيعمله مخالف وخطر، الدولة لازم تحط ضوابط للمحتوى اللي بيتقدم.”
أما نعمات العدلي، ربة منزل، تضيف:”احنا كنا بنضحك ونقول هزار، لكن الحقيقة إن اللي بيتزرع في عيالنا من خلال المحتوى ده كارثة، كويس إن الحكومة بدأت تتحرك.”
قانون تنظيم المحتوى الرقمي.. هل حان وقته؟
الحملة الأخيرة أعادت النقاش حول ضرورة إصدار قانون أكثر صرامة ينظم صناعة المحتوى الرقمي، يضع معايير مهنية وأخلاقية، ويراقب التمويل، ويخضع البلوجرز لنفس معايير المحاسبة التي يُحاسب بها الإعلاميون التقليديون.