نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، تقريرًا حمّلت فيه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مسؤولية فقدان إسرائيل للشرعية الدولية في استمرار الحرب على قطاع غزة، مؤكدة أن تل أبيب باتت مهددة بعزلة سياسية ودبلوماسية قد تُقيد قدرتها على الدفاع عن نفسها مستقبلًا.
وقالت الصحيفة العبرية، إن إسرائيل لم تعد تحظى بالدعم الدولي الذي كانت تتمتع به في أعقاب هجمات 7 أكتوبر، معتبرة أن “نتنياهو فشل دبلوماسيًا بشكل كبير”، حيث أضاع فرصة حقيقية لترجمة الدعم الدولي إلى إنجازات سياسية، خاصة في الأسابيع الأولى من اندلاع الحرب وذلك وفقا لما نشره موقع القاهرة الإخباري.
وأضافت أن غياب الخطة السياسية الإسرائيلية لما بعد الحرب -أو ما يُعرف بخطة “اليوم التالي”- أضعف الموقف الإسرائيلي على الساحة العالمية. وبدلًا من أن تقود إسرائيل جهود إعادة إعمار غزة، أصبحت خارج دائرة الفعل السياسي، في وقت يعقد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفقات منفردة مع إيران، وحماس والحوثيين، دون التنسيق مع تل أبيب.
انهيار في الجبهة السياسية
ووصف التقرير الأداء السياسي والدبلوماسي للمؤسسات الأمنية الإسرائيلية -من الموساد إلى الشاباك والجيش- بالمنهار. وخصّت الصحيفة بالانتقاد كلًا من وزراء الخارجية إيلي كوهين، ويسرائيل كاتس، وجدعون ساعر، معتبرة أنهم يفتقرون إلى “الفضول السياسي والقدرة على بناء حوار مع العالم”، بينما ينفّذ الوزير رون ديرمر تعليمات نتنياهو من دون أن يمتلك الرؤية الدبلوماسية المستقلة.
وتابعت الصحيفة أن ما تبقى من الدعم السياسي العالمي لإسرائيل يتمثل في شخصيات محدودة مثل فيكتور أوربان في المجر وخافيير ميلي في الأرجنتين. أما البقية، فيبدون استعدادًا للتخلي عن إسرائيل أو فرض حلول لا تخدم مصالحها.
صفقات تُدار دون إسرائيل
أبرز ما سلّط التقرير الضوء عليه هو التحول في موقف واشنطن. فبحسب الصحيفة، لم يعد الدعم الأمريكي لإسرائيل مضمونًا، وترامب، الذي يتحرك كصانع قرار فعلي، قد يفرض قريبًا خطة سياسية على تل أبيب، دون الرجوع إليها. كما ألمحت الصحيفة إلى أن تصريحات البيت الأبيض بشأن الحرب باتت أكثر تحفظًا، ما يرسل إشارات إلى باقي دول العالم بأن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعد كما كانت.
وفي السياق، تستعد فرنسا لعقد مؤتمر دولي في 17 يونيو المقبل، يهدف إلى مناقشة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسط توقعات بتغاضي الولايات المتحدة عن المشاركة الفاعلة، ما يضيف المزيد من الضغوط السياسية على إسرائيل.
علاوة على ذلك أيضًا، ناقش أعضاء مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي مقترحًا هولنديًا لمراجعة اتفاقيات التجارة والتعاون مع إسرائيل، ومن المقرر عقد المناقشة التالية للمقترح في 23 يونيو المقبل.
وبدورها، طالبت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، وعلى إسرائيل السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر صحفي، إن الوضع الإنساني في غزة كارثي ويجب إدخال المساعدات دون عوائق، والضغط على إسرائيل مطلوب لتغيير الوضع في قطاع غزة.
فيما، انتقد المستشار الألماني فريدريش ميرز لأول مرة الحكومة الإسرائيلية علنًا، وهو موقف مغاير له بعدما كان يرى أن إسرائيل تواصل حقها في الدفاع عن نفسها عندما كان زعيمًا للمعارضة، بحسب مجلة “دير شبيجل”.
وقال ميرز: “بما أن السكان المدنيين قد تأثروا، كما هو الحال بشكل متزايد في الأيام الأخيرة، فلم يعد من الممكن تبرير ذلك بمحاربة حماس، وما يفعله الجيش الإسرائيلي الآن في قطاع غزة لم أعد أفهم ما هو هدفه”.
إخفاق في الإعلام والدبلوماسية العامة
ورصد التقرير أيضا حالة الضعف في الأداء الإعلامي الإسرائيلي، خاصة بعد استبعاد المتحدث السابق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتعيين بديل يفتقر للخبرة الإعلامية. هذا التراجع الإعلامي فاقم من عزلة إسرائيل، خصوصًا في ظل اتهامات متكررة بارتكاب جرائم حرب، وتراجع قدرة المتحدثين الرسميين على تبرير الموقف الإسرائيلي في وسائل الإعلام الدولية.