مع تسارع خطوات التحول الرقمي على مستوى العالم، لم يعد الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات وخدمات التعهيد رفاهية، بل ضرورة استراتيجية لبناء اقتصاد قوي قادر على المنافسة، لاسيما أن تجارب دول مثل الهند وبريطانيا أثبتت أن الاستثمار في هذا القطاع يفتح الباب أمام فرص عمل ضخمة، ويجذب استثمارات أجنبية مباشرة، ويوفر مليارات الدولارات من العملات الصعبة.
وفي سياق متصل قال أشرف غراب الخبير الاقتصادي، إن خدمات التعهيد تمثل فرصة ذهبية لمصر لتكون لاعبًا إقليميًا وعالميًا في الاقتصاد الرقمي، فالهند لم تحقق نجاحها بين ليلة وضحاها، بل بخطة طويلة المدى للاستثمار في التعليم والتكنولوجيا.
وأوضح غراب في تصريح خاص لموقع «المحروسة» أن إذا ركزت مصر على التدريب المستمر للشباب وتحسين مستوى اللغات، مع تحفيز الشركات العالمية على التوسع، يمكننا خلال سنوات قليلة أن نضاعف عوائد هذا القطاع ونضع مصر في مكانة تليق بإمكانياتها.
وأضاف أن مصر تمتلك فرصة ذهبية لتكون وجهة مفضلة لشركات التكنولوجيا العالمية إذا ركزت على عنصرين أساسيين، التعليم والتشريعات موضحا أن التعليم يجب أن يواكب متطلبات السوق العالمية، سواء من خلال برامج جامعية متخصصة أو مراكز تدريب متطورة، أما التشريعات فهي الضمانة لجذب المستثمرين وتوفير بيئة عمل آمنة وشفافة.
وتابع أذا جمعنا بين هذين المسارين، سنتمكن من تحويل مصر إلى منصة رئيسية لتقديم خدمات التعهيد ليس فقط للشرق الأوسط، بل للأسواق الأوروبية والأفريقية.
مصر.. إمكانيات كامنة ومنافسة محتملة
تتمتع مصر بموقع جغرافي متميز، وفروق توقيت تسمح بخدمة أسواق أوروبا والشرق الأوسط بسهولة، بالإضافة إلى تكلفة تنافسية للعمالة مقارنة بدول أخرى. هذه المزايا تجعلها مرشحة بقوة لأن تكون مركزًا إقليميًا للتعهيد وخدمات تكنولوجيا المعلومات، شريطة أن يتم الاستثمار الجاد في تأهيل الكوادر الشابة ورفع مستوى المهارات التكنولوجية واللغوية.
الوظائف والعملة الصعبة
تشير التقديرات إلى أن قطاع التعهيد في مصر يحقق مليارات الدولارات سنويًا، لكنه لا يزال بعيدًا عن حجم السوق الهندية التي تتجاوز إيراداتها من هذا القطاع 150 مليار دولار. ومع ذلك، يظل المجال واعدًا، خاصة مع إقبال شركات عالمية كبرى على فتح مراكز خدمة عملاء وتطوير برمجيات في مصر، ما يخلق فرص عمل مباشرة لآلاف الشباب.
رغم هذه الإمكانيات، تواجه مصر تحديات حقيقية، أبرزها، ضعف مستوى اللغة الإنجليزية لدى شريحة كبيرة من الخريجين، وفجوة في المهارات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحوسبة السحابية، بالإضافة إلىالحاجة إلى استثمارات أوسع في البنية التكنولوجية.