في خطوة وصفت بأنها ثورة في عالم الطب الحديث، نجح فريق من الأطباء في إجراء أول عملية من نوعها على مستوى العالم، تم خلالها زراعة كبد خنزير معدل وراثيًا داخل جسم إنسان، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء البريطانية “بي إيه ميديا” اليوم الخميس.
وأوضحت الوكالة أن المريض، وهو رجل يبلغ من العمر 71 عامًا، عاش نحو نصف عام بعد إجراء العملية، التي اعتبرها الأطباء إنجازًا علميًا يمهد لعصر جديد في زراعة الأعضاء.
كان المريض يعاني من تليف حاد في الكبد ناتج عن إصابته السابقة بفيروس التهاب الكبد الوبائي (ب) وسرطان الكبد، ما جعله غير مؤهل للحصول على زراعة كبد بشري، وهو ما دفع الأطباء للجوء إلى هذا الخيار الفريد باستخدام كبد خنزير تم تعديله وراثيًا ليصبح
ووفقًا لما نشرته مجلة “أمراض الكبد” الطبية، فإن هذا الإنجاز يُعد المرة الأولى التي تُستخدم فيها زراعة كبد خنزير لأغراض علاجية فعلية داخل جسم إنسان حي، وليس في إطار تجارب مخبرية أو حالات “موت دماغي”، كما حدث في محاولات سابقة.
نتائج مبشرة ومؤشرات أولية إيجابية
وذكر الباحثون المشاركون في الدراسة أن أكباد الخنازير المعدلة وراثيًا أظهرت قدرة واضحة على أداء الوظائف الأيضية والتركيبية الأساسية في الجسم البشري، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة أمام تطوير عمليات الزراعة الحيوانية في المستقبل القريب.
وتشير النتائج الأولية إلى أن هذا النوع من الزراعة قد يشكل حلًا مستقبليًا لنقص الأعضاء البشرية المتاحة للزرع، خاصة في ظل تزايد أعداد المرضى الذين ينتظرون عمليات زراعة الكبد على مستوى العالم.
من الخيال إلى الواقع.. مستقبل زراعة الأعضاء الحيوانية
تأتي هذه العملية في إطار تجارب علمية متقدمة تعرف باسم “زراعة الأعضاء بين الأنواع”(Xenotransplantation)، والتي تعتمد على استخدام أعضاء حيوانية معدلة وراثيًا لتقليل خطر الرفض المناعي عند الإنسان.
وكانت تجارب سابقة قد شهدت زرع قلوب وأكباد خنازير في أجساد مرضى في حالة موت دماغي كمرحلة تجريبية، إلا أن العملية الأخيرة تعد الأولى التي تُجرى على مريض حي لأغراض علاجية مباشرة.
ويؤكد الأطباء أن نجاح هذه الخطوة قد يفتح الباب أمام ثورة طبية في مجال زراعة الأعضاء، خصوصًا في الدول التي تعاني من قوائم انتظار طويلة للمرضى المحتاجين إلى كبد أو كلية أو قلب.
من جانبه، وصف أحد الباحثين المشاركين في الدراسة هذا الحدث بأنه “بداية لمرحلة جديدة من الأمل في علاج أمراض الكبد القاتلة”، مشيرًا إلى أن استمرار المريض على قيد الحياة لمدة ستة أشهر بعد العملية يعد مؤشرًا مشجعًا لتطوير تقنيات أكثر أمانًا في المستقبل.
وأضاف الباحثون أن هذه التجربة ستخضع لمراجعة علمية دقيقة، مع تقييم طويل المدى لمدى تفاعل الجهاز المناعي البشري مع الأعضاء الحيوانية المعدلة وراثيًا.
وبينما لا تزال هذه التجربة في بدايتها، فإنها تمثل خطوة علمية فارقة في تاريخ الطب البشري، تؤكد أن ما كان يومًا في خانة المستحيل بات اليوم واقعًا ملموسًا، يفتح الباب أمام ملايين المرضى حول العالم للحصول على فرصة جديدة للحياة.