في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط المعيشية على الأسر المصرية، برزت القروض الاستهلاكية كأحد أهم الحلول التي يلجأ إليها المواطنون لتلبية احتياجات أساسية، سواء كانت شراء منزل أو تجهيز زواج أو حتى تعليم وعلاج، وبينما يراها البعض “طوق نجاة” يساعدهم على الصمود، يعتبرها آخرون “فخًا” يضعهم في دوامة ديون لا تنتهي. الملف التالي يفتح هذا الملف الساخن من زواياه المختلفة: الاقتصادية والاجتماعية والمصرفية.
خبراء اقتصاديون يرون أن هذه الطفرة تعكس من جهة حاجة الأسر المتزايدة لسيولة إضافية، ومن جهة أخرى سعي البنوك إلى توسيع قاعدة عملائها من خلال منتجات مالية أكثر جذبًا للأفراد.
القروض الاستهلاكية.. أرقام تكشف حجم الظاهرة
وأوضحوا في تصريحات خاصة لموقع «المحروسة» أن بيانات البنك المركزي المصري تشير إلى أن القروض الاستهلاكية شهدت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، لتصبح من أكثر أدوات التمويل المصرفي انتشارًا بين الأفراد. وتشمل هذه القروض تمويل شراء السيارات، والأجهزة الكهربائية، والشقق السكنية، وحتى مصروفات التعليم والعلاج.
وأضافوا أنع لم يعد من الصعب ملاحظة الحملات الإعلانية المكثفة للبنوك في الشوارع ووسائل الإعلام، حيث تتنافس المؤسسات المصرفية على جذب العملاء بمنتجات قروض استهلاكية ذات فوائد تنافسية وتسهيلات في السداد.
وفي سياق متصل أحد مدير قطاع التجزئة المصرفية بأحد الينوك أوضح أن القروض الاستهلاكية أصبحت أداة رئيسية لجذب شرائح جديدة من العملاء، خاصة الشباب والموظفين، وتساهم في تحقيق أرباح مستقرة للبنوك.
بين الرقابة وحماية المستهلك
وأوضح أن البنك المركزي المصري يلعب دورًا مهمًا في ضبط قواعد الإقراض، حيث يحدد نسبًا معينة لارتباط دخل العميل بأقساط القرض، بما يحد من مخاطر التعثر.
لكن خبراء يحذرون من أن بعض العملاء قد لا يدركون حجم الالتزامات المترتبة عليهم، ما يستدعي تعزيز برامج التوعية المالية ونشر ثقافة التعامل الآمن مع القروض.
ومن جهه آخري قال ماجد فهمي الخبير المصرفي أن يعتبر الشباب من أكثر الفئات إقبالًا على القروض، سواء لتجهيز الزواج أو شراء شقة صغيرة. البعض يرى أنها وسيلة للاستقرار المبكر، بينما يحذر خبراء اجتماعيون من أن “الديون المبكرة” قد تضعف قدرة الشباب على مواجهة الأزمات الاقتصادية لاحقًا.
مقارنة دولية
وأوضح «فهمي» أنه عند مقارنة معدلات الفائدة في مصر بنظيراتها في بعض الدول، يتضح أن القروض الاستهلاكية هنا أعلى تكلفة نسبيًا، وهو ما يزيد من الضغوط على المقترضين. في المقابل، تعتمد بعض الدول على أنظمة دعم أو تسهيلات حكومية لتخفيف العبء على المواطنين.
المستقبل.. بين النمو والمخاطر
وأضاف أن تمثل القروض الاستهلاكية رافعة اقتصادية تدعم الاستهلاك وتنعش السوق، موضحا أن البنوك استطاعت التوسع في الموازنة بين التوسع المسؤول والرقابة الصارمة، وعلى وعي المواطنين بضرورة أن يكون القرض وسيلة مؤقتة لا أسلوب حياة دائم.