نظم مركز إيجيبشن إنتربرايز للسياسات والدراسات الاستراتيجية، ورشة عمل بعنوان “أوروبا في عالم متغير: نحو تعزيز الشراكات وبناء التوازنات العالمية”، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء في العلاقات الدولية، وذلك في ظل متغيرات جيوسياسية متسارعة تؤثر في بنية النظام الدولي والدور الأوروبي داخله.
وركزت الورشة على تحليل التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي في ظل أزمات عالمية كبرى، أبرزها الحرب الروسية–الأوكرانية، وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وتنامي النفوذ الصيني، كما ناقشت الورشة مستقبل العلاقات الأوروبية مع الولايات المتحدة والصين، وتداعيات صعود التيارات الشعبوية في الداخل الأوروبي.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد محمد عبد الحليم، مدير المركز، أهمية التفكير الأوروبي في المستقبل، داعيًا إلى بلورة دور أوروبي أكثر فاعلية في الأزمات العالمية، وعلى رأسها الوضع الإنساني في قطاع غزة.
وأوضح أن الورشة تسعى إلى استشراف أدوار جديدة لأوروبا من خلال شراكات استراتيجية، خاصة مع العالم العربي.
من جانبه، أدار فعاليات الورشة الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية رمضان قرني، الذي شدد على أهمية التعاون بين مراكز الفكر لصياغة رؤى واقعية داعمة لصانع القرار، في ضوء التعقيد المتزايد في المشهد الدولي.
وشهدت الورشة عددًا من المداخلات المهمة، حيث تناول الدكتور باسم راشد خبير الشؤون الأوروبية تحولات التماسك الأوروبي في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية، مشيرًا إلى تحديات ملف الهجرة في الداخل الأوروبي. وناقش الدكتور حسام البقيعي رئيس وحدة الدراسات الدولية بمركز رع للدراسات الاستراتيجية مستقبل العلاقات الأمريكية–الأوروبية، وطرح ثلاثة سيناريوهات لمسارها خلال السنوات المقبلة، من بينها سيناريو “الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي” عن واشنطن.
في السياق ذاته، تحدث الأستاذ بهاء محمود الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية عن تداعيات الحرب في أوكرانيا على الشراكة الأوروبية–الروسية، مشيرًا إلى أن أوروبا، وخاصة ألمانيا، تدفع ثمنًا اقتصاديًا باهظًا نتيجة هذه الحرب.
كما استعرض الدكتور هاني الجمل مدير وحدة الدراسات الأوروبية بـ “مركز العرب” تطورات العلاقات الأوروبية–الصينية، مشددًا على ضرورة إدراك أوروبا لأهمية دورها كفاعل استراتيجي في النظام الدولي الجديد.
أما الدكتور أحمد شعيشع خبير ومدير وحدة الدراسات الإقليمية والعربية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، فاختتم الجلسات بالتأكيد على دخول النظام الدولي مرحلة “سيولة استراتيجية”، تتسم بتزايد دور القوى غير الغربية، وصعود نماذج “القادة الأقوياء”، لافتًا إلى أن أوروبا باتت مطالبة بإعادة تعريف دورها، خاصة في الشرق الأوسط.
وخلصت الورشة إلى عدد من التوصيات المهمة، أبرزها:
تفعيل الدور المصري في بناء توازنات إقليمية من خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي في ملفات مثل القضية الفلسطينية والأزمة الليبية.
الدعوة إلى إنشاء صندوق استثماري مشترك لإعادة الإعمار في غزة والسودان وليبيا.
تعزيز الشراكات المصرية–الأوروبية في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الرقمي.
مقترح بإنشاء منتدى حوار استراتيجي دائم بين الشرق الأوسط وأوروبا.
دعوة لتشكيل مجلس عربي–أوروبي مشترك معني بالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
وأكد المشاركون أن تعزيز الشراكة مأوروبا يمثل خيارًا استراتيجيًا للدول العربية، وعلى رأسها مصر، في ظل التحولات الدولية الراهنة، وشددوا على أهمية بناء خطاب عربي موحد يستند إلى المصالح المشتركة ويعزز من دور المنطقة في صياغة مستقبل النظام العالمي الجديد.
