أعلن مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى حول “التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين”، الدعم الدولي لحل الدولتين والتخطيط والتنسيق لتنفيذه، إلى جانب إنهاء الاحتلال وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة التي تعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل.
فرصة لوقف إطلاق النار
من جانبه قال وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، إن مشاركة مصر في مؤتمر حل الدولتين، تأتي ضمن دورها الريادي في دعم القضية الفلسطينية.
وأضاف وزير الخارجية: “نشارك في وضع أفق سياسي لحل الدولتين وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أكدنا ضرورة العمل على وقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات دون شروط إلى قطاع غزة”.
وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن “المساعدات التي تدخل قطاع غزة لا تكفي، وسنستمر في الضغط لمواصلة إدخالها، وهناك فرصة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع إذا توفرت النوايا الحسنة لدى الجانب الإسرائيلي”.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد ثمّن النداء الخاص الذي أطلقه نظيره المصري للرئيس الأمريكي؛ من أجل وقف الحرب في غزة وإدخال المساعدات إلى القطاع وفقا للقاهرة الإخباري
وأضاف الرئيس الفلسطيني أن مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأتي استكمالًا لدور مصر التاريخي والمهم في دعم القضية الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي.
وأكد الرئيس الفلسطيني أن نداء الرئيس المصري “يأتي ضمن جهود بلاده لإدخال المساعدات الإنسانية لأبناء شعبنا الفلسطيني ومنع التهجير”.
وتابع الرئيس الفلسطيني: “نحن نُقدّر الموقف الريادي الذي تلعبه مصر في إرساء قواعد الأمن والسلام في منطقتنا والعالم، كما نؤكد على وقوف دولة فلسطين إلى جانب مصر وشعبها وقيادتها في استكمال مرحلة البناء والازدهار، ومواجهة أشكال الإرهاب كافة”.
رؤية عادلة للشرق الأوسط
بدوره قال وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود إن المؤتمر يشكل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.
وأشاد بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، وقال إن ذلك يعد خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وأكد أن السعودية تؤمن بأن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال إن الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة، وتحدث عن الدعم الفوري والمتواصل المقدم من المملكة العربية السعودية “منذ بدء الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية”.
وشدد على ضرورة الوقف الفوري للكارثة الإنسانية الناجمة عن “الحرب والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة” ومحاسبة المسؤولين عنها وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
وأضاف أن مبادرة السلام العربية المعتمدة في قمة بيروت عام 2002 هي أساس جامع لأي حل عادل وشامل، وأكد أهمية دعم التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين كإطار عملي لمتابعة مخرجات هذا المؤتمر وتنسيق الجهود الدولية نحو خطوات واضحة محددة زمنيًا لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية.
ودعا وزير الخارجية السعودي جميع الدول إلى الانضمام إلى الوثيقة الختامية للمؤتمر التي قال إنها تشكل خارطة طريق مشتركة نحو تنفيذ حل الدولتين ومواجهة محاولات تقويضه وحماية فرص السلام الذي لا يزال ممكنًا إذا توفرت الإرادة.
حل الدولتين.. الشرط الأساسي للسلام
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو “الشرط الأساسي” للسلام في الشرق الأوسط الأوسع.
لكن الأمين العام حذر من أننا “وصلنا إلى نقطة الانهيار” وأن هذا الحل “أبعد من أي وقت مضى، وشكر جوتيريش الدولتين المُنظمتين، مشددًا على أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني- الذي استمر لأجيال وتحدى الآمال والدبلوماسية والقانون الدولي- لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم.
وأكد أن استمرار هذا الصراع ليس حتميًا، وأن حله ممكن إذا توفرت إرادة سياسية وقيادة شجاعة.
ودعا الأمين العام إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرا مؤتمر اليوم “فرصة نادرة ولا غنى عنها” يجب أن تكون “نقطة تحول حاسمة” تحفز تقدمًا لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق طموحنا المشترك في حل دولتين تتوفر له مقومات البقاء.
وأكد أنطونيو جوتيريش أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد المتجذر في القانون الدولي، والذي يدعمه المجتمع الدولي، وينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة للدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة.
استهداف المدنيين غير مقبول
في كلمته الافتتاحية قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: “بعد 80 عامًا من تأسيس الأمم المتحدة لا يمكننا قبول استهداف المدنيين، النساء والأطفال، عندما يتوجهون إلى مواقع توزيع المساعدات. هذا أمر غير مقبول”.
وقال إن المشاركة الواسعة في المؤتمر تؤكد الإجماع والحشد من المجتمع الدولي حول نداء وقف الحرب في غزة. وشدد على ضرورة أن يكون المؤتمر نقطة تحول لتطبيق حل الدولتين.
وأضاف: “يجب أن نعمل على مسار سبل الانطلاق من إنهاء الحرب في غزة إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تعرض فيه هذه الحرب أمن واستقرار المنطقة بأسرها للخطر”.
وقال إن تحقيق ذلك يتطلب تنفيذ حل الدولتين الذي يلبي التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش في سلام وأمن، مؤكدًا عدم وجود بديل لذلك.
وأضاف أن مؤتمر نيويورك قد بدأ زخمًا غير مسبوق لا يمكن وقفه نحو حل سياسي في الشرق الأوسط.
وفي وجه استمرار الحرب والمأساة الإنسانية في غزة، قال وزير خارجية فرنسا: “عبر هذا المؤتمر نطلق نداء جماعيًا للعمل. هذه الحرب استمرت لأكثر مما ينبغي ويجب أن تتوقف. يجب أن تصمت الأسلحة وتتيح المجال لوقف فوري ودائم لإطلاق النار”.
نهاية الظلم التاريخي
بدوره قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن هذا المؤتمر يحمل وعدًا وتعهدًا للشعب الفلسطيني بأن “الظلم التاريخي” الذي لحق بهم يجب أن ينتهي وأن ما يحدث في غزة هو “أحدث وأوحش تجلياته، ونحن جميعا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك.
وأضاف أن هذا المؤتمر هو رسالة للشعب الفلسطيني بأن العالم “يدعمنا في تحقيق حقوقنا في الحياة والحرية والكرامة وأرضنا، وحقنا في دولتنا ذات السيادة”. وقال إن المؤتمر هو أيضًا رسالة للإسرائيليين مفادها أن هناك طريقًا للسلام والتكامل الإقليمي.
وتابع: “سيتحقق ذلك من خلال استقلالنا لا دمارنا، ومن خلال تحقيق حقوقنا لا استمرار إنكارها، وأن الفلسطينيين ليس محكومًا عليهم بالاحتلال والنفي الأبدي، وأن الفلسطينيين والإسرائيليين ليس محكومًا عليهم بحرب أبدية، وأن هناك طريقًا آخر – طريقا أفضل يؤدي إلى سلام مشترك وأمن مشترك وازدهار مشترك في منطقتنا، ليس لأحد على حساب الآخر، بل للجميع”.
وقبيل ختام الجزء الأول من الجلسة الافتتاحية للمؤتمر دعا وزير الخارجية الفرنسي الحضور إلى الوقوف دقيقة صمت تكريما لضحايا المآسي التي وقعت في المنطقة منذ السابع من أكتوبر 2023.
فظائع الاحتلال في غزة
وشاركت ماري روبنسون رئيسة أيرلندا السابقة، والمفوضة السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في المؤتمر حيث ألقت الكلمة الرئيسية حول القانون والشرعية ومسيرة السلام.
وقالت روبنسون إنها تتحدث بصفتها عضوًا في مجلس الحكماء، وهو مجموعة قيادات مستقلة أسسها الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا عام 2007. وذكرت أن المجلس منذ إنشائه عمل على المساهمة في التسوية السلمية العادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأعربت عن شعورها بالغضب واليأس ومشاطرتها للكثيرين حول العالم الذين يشعرون بقلة الحيلة أمام “الفظائع المرتكبة في غزة”.
وقالت إن الاحتلال والعنف وصلا إلى أعماق جديدة من اللاإنسانية خلال العامين المنصرمين منذ الهجمات المروعة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر وأخذ الرهائن الإسرائيليين إلى “العقاب الجماعي من إسرائيل للفلسطينيين في غزة”.
وقالت إن المعايير الدولية تنتهك علنا، وشددت على ضرورة أن يكون هذا المؤتمر نقطة تحول نحو مستقبل مختلف.
وخاطبت المشاركين في المؤتمر قائلة إن لديهم السلطة وعليهم المسؤولية، باعتبارهم صناع قرار سياسيين، للضغط من أجل تغيير المسار. وأضافت أن الأوان قد آن للعمل الجماعي بدءًا بالاعتراف بدولة فلسطين.
رفض أمريكي وإسرائيلي
من جانبه قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة لن تحضر المؤتمر في الأمم المتحدة، ووصفه بأنه “هدية لحماس التي تواصل رفض مقترحات وقف إطلاق النار التي قبلتها إسرائيل والتي من شأنها أن تؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن وإحلال الهدوء في غزة”.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن واشنطن صوتت ضد دعوة الجمعية العامة العام الماضي لعقد المؤتمر، وأنها “لن تدعم أي إجراءات من شأنها تعريض احتمالات التوصل إلى حل سلمي طويل الأمد للصراع للخطر”.
قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أمس الاثنين: “هذا المؤتمر لا يُسوّق للحل، بل يُعمّق الوهم. فبدلاً من المطالبة بالإفراج عن الرهائن والعمل على تفكيك نظام حماس الإرهابي، يُجري منظمو المؤتمر مناقشات وجلسات عامة منفصلة عن الواقع”.
لطالما أيدت الأمم المتحدة رؤية دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها. يريد الفلسطينيون دولة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهي جميعها أراضٍ احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
في مايو من العام الماضي، أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة مسعى فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، معترفةً بأهليتها للانضمام، وموصيةً مجلس الأمن الدولي “بإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي”. وحصد القرار 143 صوتًا مؤيدًا مقابل تسعة أصوات معارضة.
وكان تصويت الجمعية العامة بمثابة استطلاع رأي عالمي حول الدعم للمحاولة الفلسطينية للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة – وهي الخطوة التي من شأنها أن تعترف فعليا بدولة فلسطينية – بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضدها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل عدة أسابيع.