كشفت صحيفة هآرتس العبرية عن تنامي ظاهرة هروب المستوطنين الإسرائيليين من الأراضي المحتلة عبر البحر، حيث يتجه العشرات يوميًا إلى جزيرة قبرص على متن يخوت خاصة تنطلق من مراسي مدن مثل هرتسيليا، حيفا، وأشكلون، وسط تكتم شديد وبعيدًا عن أعين السلطات الرسمية.
وبحسب الصحيفة، انضم مئات المستوطنين إلى مجموعات سرية على مواقع التواصل الاجتماعي تُنسق هذه الرحلات، التي تصل تكلفتها إلى ما بين 2500 و6000 شيكل، وتستغرق ما بين 8 و25 ساعة وفقًا لنوع اليخت وسرعته. ويرفض معظم الفارين الكشف عن هوياتهم، بينما يعترف بعضهم بأنهم يفرون من صواريخ إيرانية باتت تشكل تهديدًا مباشرًا لحياتهم.
وتحوّلت “مارينا هرتسيليا” إلى ما يشبه “محطة مغادرة مصغّرة”، حيث رصد مراسلو الصحيفة صباح أحد الأيام وجود أكثر من 100 شخص يستعدون للمغادرة بحقائبهم الصغيرة، وسط عجز من سلطات الاحتلال عن تقدير حجم الظاهرة أو احتوائها.
ولفت التقرير إلى أن بعض الهاربين كانوا في زيارة مؤقتة لـ”إسرائيل” وعلقوا بسبب التصعيد العسكري، فيما اختار آخرون الالتحاق بأسرهم في الخارج، أو مغادرة البلاد بلا عودة، كما فعل أحد المستوطنين الذي أعلن عزمه الانتقال للإقامة في البرتغال بطلب من شريكته.
رغم العوائد المالية المرتفعة، رفض عدد من القباطنة المشاركة في هذه الرحلات نظرًا لمخاطرها، خاصة أن بعضها يتم بدون ترخيص قانوني أو تأمين لنقل الركاب، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني واللوجستي.
قيود على رحلات الإنقاذ الجوية
وفي سياق متصل، أصدرت حكومة الاحتلال أمرًا للخطوط الجوية الإسرائيلية يقضي بمنع مغادرة الإسرائيليين على متن الطائرات المخصصة لرحلات إنقاذ العالقين في الخارج. القرار جاء بعد تحذير شديد اللهجة من القوات المسلحة الإيرانية، دعت فيه المستوطنين إلى مغادرة الأراضي المحتلة باعتبار ذلك “السبيل الوحيد لإنقاذ حياتهم”.
ويُفهم من هذا القرار محاولة لتجنب مشاهد نزوح جماعي قد تُضعف صورة “السيطرة الأمنية” التي تحاول حكومة بنيامين نتنياهو تصديرها، خصوصًا بعد الضربة الإيرانية الأخيرة التي تسببت في دمار واسع وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في الداخل الإسرائيلي.
ورغم أن حكومة الاحتلال لم تعلن رسميًا مخاوفها من موجة هروب واسعة، إلا أن توقيت القرار وسط تصعيد إقليمي محتدم وقلق شعبي متزايد، يعكس حجم التوتر في أروقة صنع القرار.
وتُعد أثينا ولارنكا من الوجهات المفضلة للإسرائيليين في أوقات الأزمات، لكن التحذيرات الأخيرة من السفر إليهما دون بدائل ملموسة، تُرجمت كمسعى لضبط حركة المغادرة ومنع تدافع جماعي قد يؤدي إلى انهيار منظومة النقل أو مشاهد تُحرج إسرائيل أمام الرأي العام.
وتشير التقديرات العبرية إلى وجود ما بين 100 إلى 200 ألف إسرائيلي في الخارج ينتظرون رحلات إجلاء، فيما لم تُسجّل أي طائرة إنقاذ مغادرة حتى الآن، على أن تبدأ أولى الرحلات – حال استقرار الوضع الأمني – يوم الخميس المقبل.